
(1)
أبيضين على طرفين مُعتمين، والحالم من فرط الدهشة وسطيُّ الشيء، وسطيُّ الطريق، والمعبد، والمذهب، والجسد.
تختلط الأشياء.. أصفرين علويين، أخضرين في كهفين، وشبيه الأحمر متناثر في الظلام. ذاك الرمادي المُحترق خلف الكحل الباهت، صامت.
صوت، هواء، فصوت، يسدُّ اللولب إلى دماغك.
احذر أن تتجلّى.
(2)
كل شسوع الأرض، ذرّة من الوجود الرقيق، وأنت أرض. يوصيك الناموس الأعظم، بأنّ إليها تعود.. إذاً، ستعود؛ والخلود جسداً، خرافة السائرين في نُعاسك الفطريّ.
تعبر الكثيف بالأحرف البدائيّة، والدفء هادئ من اتساع الفوضى في الدم. وميض بليغ أكثر إبهاراً من فاصلة الماء في الحنجرة، والفكرة من شكل الضوء تعلو… “لا شهداء أبرياء في الواقع العميق، كل الأنقياء شهداء في الكابوس العتيق“.
الكابوس بحسب تعريف الفيلسوف القتيل: “فصيلة دم نادرة من الإيمان“.
(3)
المكان هاجس الزمان والتوقف دعابة الروح القتيلة! خطوط تتوازى، وفي العقل المسافر حمّى المستقيم الروحيّ والعمود الفقري.
لستَ طحين عظم، هرستكَ آلة التنقيب عن الذهب، ولستَ شبح وايلد، ولا جنون ذلك الفرنسي المُدمن. أنتَ المُرَاقِب رحلة الوجود القصيرة عن بُعدٍ، والنجوم الموتى قبل أن يكون لله اسم الله؛ لا شيء أمامك سوى فراغ، وفيه يلتمع الجنون، ورقصة البوهيمي في الخيال، وقلم يغرز ذاته وذاتك في الضحايا التافهين.
(4)
ينتصر على الوهم، وفي البصر يتكرر المشهد، والموت يرتفع عن العفن المؤذي روح البياض الساطع في وريقة أقحوان.
هذا الأمام الطويل، خيارك، والإمام من عدم، فاضح؛ هواء يصفع القلب، ورائحة التفسخ في الكبد تؤلم المخاط البشري.
المخاط البشري بحسب تعريف الفيلسوف الشريد: “قطيع من الأخضر المتجمّد، يسبي نفسه، ثم يناضل لحرية، ينفي ذاته فيها موتاً صوب التلاشي“.
ينتصر على الوهم، ويتوهّم أنّ الهزيمة حظ الأعداء الواهنين.